أنشودة آكِل البشر
........................
ادنُ مِني إن رأيتَ القُربَ مني
شافِيًا نفسَكَ من سُمِّ الفِراقْ
وابتعِدْ عني إذا كان تَبَنِّي
مَنطِق ِ البُعدِ مُثيرًا للعِناقْ
وارتَعدْ من خوفِ بطشي حيثُ إني
يَزدَهيني خوفُكَ الحُلوُ المَذاقْ
التَّجَنِّي ليس فيما قيلَ عني
التجني خطفُ لفظٍ مِن سِياقْ
اعتباطًا باعدَتْ بيني و بينَكْ
لُعبةُ الأجسادِ والأرواح ِ دَهْرَا
أنتَ مِنِّي وأنا مِنكَ ، وحَولَكْ
طَيفِيَ المحجوبُ عن عينيكَ قهرا
أنت سِجني فاتخذ ذاتيَ سجنَكْ
وشراييني لأحشائِكَ صِهْرا
أنت أرضي فاعتبِر جسميَ وَحلَكْ
واتَّخِذْ مِن دمعِ عيني لكَ نَهْرا
جُنَّتِ الحِكمةُ مِن فرطِ جنوني
وجنوني بذراعيكَ قديمْ
فذراعاكَ تموتانِ بِدُوني
وهما لي كحياةٍ لسقيمْ
بتقاسيم ِ ذراعيكَ شُئُوني
وشجوني وشرابي والنديمْ
ومُجوني ، لم يَعُدْ لي مِن مُجُوني
غيرُ ذِكرَى في ذراعَيكَ تَهيمْ
في سُكوتي هاجَ شَوقي للتَّوَحُّدْ
معَ مَن ذاقوا كما ذقتُ العذابْ
قُتِلَ الدفءُ بكأس ٍ مِن تَعَبُّدْ
وتفرَّقْنا سُكارَى كالذبابْ
ليس لي ذنبٌ إذا خُنتُ التَّفَرُّدْ
أو كِياني في كِيان ِ الكون ِ ذابْ
جُبِلَتْ نَفسي على هذا التمرُّدْ
فإذا لاقيتُهمْ سالَ اللُّعابْ !
اقترِبْ ، أصغ ِ لتسبيح ِ الدماءْ
في عُروقي دَمِيَ المُنسابُ حُرمَةْ
قدسُ أقداس ِ التَّجَلِّي والخفاءْ
وجِنانٌ ؛ فاسترِح ْ في ظِلِّ كَرمَةْ
وتأوَّهْ كيفَما التسبيحُ شاءْ
ظلمة ُ الآهاتِ فاقتْ كلَّ ظلمَةْ
الحضاراتُ ؛ و مجدُ الأغبياءْ
انتَهَتْ إذ ذُقتُ من كَفِّكَ قَضمَةْ
هلوسات صحو
في تلك الأيام، كنتُ أحملُ في رأسي مُخًّا ، وكان (هانيبال لكتر) يأكل منه ملءَ شهيَّتِه .. لم تكن هذه أولى تجاربي في الكتابة بالطبع ، لكنَّها على كل حالٍ كانت تمتلكُني إلى درجة أن أنشُرَها في أول ديوانٍ يصدرُ لي بالفصحى .. (صمتُ الحِملان) أولُ فيلمٍ يدعوني إلى التقاطُعِ معه شعريّا .. رُبَّما زاويةُ الرؤيةِ في هذه التجربة تختلفُ عن زاوية (هانيبال) ، فآكِلُ البشر هنا يحاولُ أن يتماهَى مع الآخرين بشكلٍ واعٍ من منطلَقِ إدراكِهِ لانتسابهم معهُ إلى معينٍ واحد .. فالقضمةُ التي يتناولُها من كف ضحيتِهِ هي الخطوةُ الأولى في مرحلةٍ من مراحل سفره الرُّوحي .. الرُّوحُ هنا جسدٌ سائلٌ والجسدُ روحٌ جامد (كعلاقة الزمان بالمكان في مقولة ابن عربي) .. أزمةُ آكلِ البشر تتمثَّلُ في تجاوزِهِ للثنائيات .. أو رُبَّما في طموحه إلى تجاوزٍ كهذا وسعيِهِ الدءوبِ إليه .. لا يوجد (أنا / الآخر) ولا يوجد (الروح / الجسد) ..
أذكرُ أنّي تماهيتُ مع آكلِ البشر وقتئذٍ ومع أزمتِهِ تلك قبل أن أقرأ عن (هيغل) في 2006 بشكلٍ يقتربُ من المنهجية .. كانت مسألة التجاوز تؤرِّقُ (هيغل) - آكِلَ الفلسفة - ولا نبالِغُ إذا قُلنا أنها باعِثُهُ الأولُ على إبداعِ مثاليتِهِ المُطلقَة .. انطلقَ من الثنائيات الكانتِيَّة التي شبَّهَها بالرُّوحِ اليهودية (وكان يقصد تبايُنَ الإلهي والبشري في العقيدة اليهودية) إلى مثاليته المطلقة التي شبهها بالرُّوح المسيحي (حلول المطلق في المحدود) ..
أذكرُ كذلك أنه في تلك الأثناء قرأتُ ورقةً نقديةً لا أذكرُ مؤلِّفَها عن علاقة المثلية الجنسية بالكانيبالزم (أكل لحوم البشر) في أدب (هرمان ملفيل) ، وكانت شديدةَ التأثير عليَّ وقتئذٍ ، وأكادُ أضعُ يدي على لحظاتٍ بعينِها أثناءَ كتابةِ هذه التجربة ، كان وعيي بفحوى تلك الورقة حاضرًا جدًّا .. لا أعرفُ إن كان هذا التأثُّرُ باديًا في الأبياتِ أم لا .. لكنني أظنُّهُ باديا!!
على صعيدِ شخصيّ، كانت هذه التجربة آخرَ ما كتبتُ قبل أن أنضمَّ إلى المنتدى الأدبي لقصر العيني في نهايات عام 2004 .. آه .. تلك الأيام
........................
ادنُ مِني إن رأيتَ القُربَ مني
شافِيًا نفسَكَ من سُمِّ الفِراقْ
وابتعِدْ عني إذا كان تَبَنِّي
مَنطِق ِ البُعدِ مُثيرًا للعِناقْ
وارتَعدْ من خوفِ بطشي حيثُ إني
يَزدَهيني خوفُكَ الحُلوُ المَذاقْ
التَّجَنِّي ليس فيما قيلَ عني
التجني خطفُ لفظٍ مِن سِياقْ
اعتباطًا باعدَتْ بيني و بينَكْ
لُعبةُ الأجسادِ والأرواح ِ دَهْرَا
أنتَ مِنِّي وأنا مِنكَ ، وحَولَكْ
طَيفِيَ المحجوبُ عن عينيكَ قهرا
أنت سِجني فاتخذ ذاتيَ سجنَكْ
وشراييني لأحشائِكَ صِهْرا
أنت أرضي فاعتبِر جسميَ وَحلَكْ
واتَّخِذْ مِن دمعِ عيني لكَ نَهْرا
جُنَّتِ الحِكمةُ مِن فرطِ جنوني
وجنوني بذراعيكَ قديمْ
فذراعاكَ تموتانِ بِدُوني
وهما لي كحياةٍ لسقيمْ
بتقاسيم ِ ذراعيكَ شُئُوني
وشجوني وشرابي والنديمْ
ومُجوني ، لم يَعُدْ لي مِن مُجُوني
غيرُ ذِكرَى في ذراعَيكَ تَهيمْ
في سُكوتي هاجَ شَوقي للتَّوَحُّدْ
معَ مَن ذاقوا كما ذقتُ العذابْ
قُتِلَ الدفءُ بكأس ٍ مِن تَعَبُّدْ
وتفرَّقْنا سُكارَى كالذبابْ
ليس لي ذنبٌ إذا خُنتُ التَّفَرُّدْ
أو كِياني في كِيان ِ الكون ِ ذابْ
جُبِلَتْ نَفسي على هذا التمرُّدْ
فإذا لاقيتُهمْ سالَ اللُّعابْ !
اقترِبْ ، أصغ ِ لتسبيح ِ الدماءْ
في عُروقي دَمِيَ المُنسابُ حُرمَةْ
قدسُ أقداس ِ التَّجَلِّي والخفاءْ
وجِنانٌ ؛ فاسترِح ْ في ظِلِّ كَرمَةْ
وتأوَّهْ كيفَما التسبيحُ شاءْ
ظلمة ُ الآهاتِ فاقتْ كلَّ ظلمَةْ
الحضاراتُ ؛ و مجدُ الأغبياءْ
انتَهَتْ إذ ذُقتُ من كَفِّكَ قَضمَةْ
هلوسات صحو
في تلك الأيام، كنتُ أحملُ في رأسي مُخًّا ، وكان (هانيبال لكتر) يأكل منه ملءَ شهيَّتِه .. لم تكن هذه أولى تجاربي في الكتابة بالطبع ، لكنَّها على كل حالٍ كانت تمتلكُني إلى درجة أن أنشُرَها في أول ديوانٍ يصدرُ لي بالفصحى .. (صمتُ الحِملان) أولُ فيلمٍ يدعوني إلى التقاطُعِ معه شعريّا .. رُبَّما زاويةُ الرؤيةِ في هذه التجربة تختلفُ عن زاوية (هانيبال) ، فآكِلُ البشر هنا يحاولُ أن يتماهَى مع الآخرين بشكلٍ واعٍ من منطلَقِ إدراكِهِ لانتسابهم معهُ إلى معينٍ واحد .. فالقضمةُ التي يتناولُها من كف ضحيتِهِ هي الخطوةُ الأولى في مرحلةٍ من مراحل سفره الرُّوحي .. الرُّوحُ هنا جسدٌ سائلٌ والجسدُ روحٌ جامد (كعلاقة الزمان بالمكان في مقولة ابن عربي) .. أزمةُ آكلِ البشر تتمثَّلُ في تجاوزِهِ للثنائيات .. أو رُبَّما في طموحه إلى تجاوزٍ كهذا وسعيِهِ الدءوبِ إليه .. لا يوجد (أنا / الآخر) ولا يوجد (الروح / الجسد) ..
أذكرُ أنّي تماهيتُ مع آكلِ البشر وقتئذٍ ومع أزمتِهِ تلك قبل أن أقرأ عن (هيغل) في 2006 بشكلٍ يقتربُ من المنهجية .. كانت مسألة التجاوز تؤرِّقُ (هيغل) - آكِلَ الفلسفة - ولا نبالِغُ إذا قُلنا أنها باعِثُهُ الأولُ على إبداعِ مثاليتِهِ المُطلقَة .. انطلقَ من الثنائيات الكانتِيَّة التي شبَّهَها بالرُّوحِ اليهودية (وكان يقصد تبايُنَ الإلهي والبشري في العقيدة اليهودية) إلى مثاليته المطلقة التي شبهها بالرُّوح المسيحي (حلول المطلق في المحدود) ..
أذكرُ كذلك أنه في تلك الأثناء قرأتُ ورقةً نقديةً لا أذكرُ مؤلِّفَها عن علاقة المثلية الجنسية بالكانيبالزم (أكل لحوم البشر) في أدب (هرمان ملفيل) ، وكانت شديدةَ التأثير عليَّ وقتئذٍ ، وأكادُ أضعُ يدي على لحظاتٍ بعينِها أثناءَ كتابةِ هذه التجربة ، كان وعيي بفحوى تلك الورقة حاضرًا جدًّا .. لا أعرفُ إن كان هذا التأثُّرُ باديًا في الأبياتِ أم لا .. لكنني أظنُّهُ باديا!!
على صعيدِ شخصيّ، كانت هذه التجربة آخرَ ما كتبتُ قبل أن أنضمَّ إلى المنتدى الأدبي لقصر العيني في نهايات عام 2004 .. آه .. تلك الأيام
بجدية حملت كتاب العقل في التاريخ لهيجل، يمكن تكون بداية متأخرة مني لكن بارضو ممكن تكون محاولة مش بطالة لفهم حاجات بعيدة شوية عن منطقة تفكيري
ReplyDeleteمش هخفي عليك سر عميق واجهني من زمان وهو اني مبنسقش بسهولة وراء الفلسفة والأفكار الصعبة
بالعكس مبتسقش معاها اطلاقا
بحس ان البساطة والسهولة أكثر منطقية ويمكن أكثر أمان؟؟
مش عارفة بس هحاول أبص تاني يمكن يكون فاتني شيء، أو يمكن أحساسي بسن الثلاثين بدأ وبيحاول يكتشف أتغير فيا ايه؟؟
دمت بود يا سالم
وبالمناسبة لازمن وحتما ولابد أشوف جمعكم الكريم في القريب العاجل جدا
وسلام كبير لماما
دعاء هانم العزيزة .. الله يسلمك يارب .. وسلامي لإيهاب ومحمد فتوح والجميع .. مسألة سن التلاتين دي تبدو جديرة بالتوقف فعلاً (ولهذا أنا متوقف !!!!) ، بس بشكل عام يعني : اقري على قد ما تحبي .. البساطة قطعًا أأمن ، بس البساطة معقدة جدًّا على رأي عمنا أوسكار وايلد .. تسلمي يا دعاء
ReplyDeleteمش عارفة يا محمد بس يمكن سهولة البساطة بالنسبة ليا لأنها فعلا تشبهني، في ود ومنطق محسوس بيني وبنها وكأني
ReplyDeleteقدام مراية بتعكس صورة وكيان مش مجرد صورة بس
وسن الثلاثين بالنسبة ليا مدهش يمكن لأني هبقي أم لأول مرة ودا مرعب نسبيا أو يمكن لأنه مجرد خبر يصحبه بعض الدوخة والغثيان فقط لا غير مستوعبتوش جديا
في مراحل في عمر الانسان بتبقي حاسمة في تشكيله من جديد، ومش عارفة ليه راعبني أحساس أن في امكانية جديدة لتشكيل مش مستوعبة السن ولا مستوعبة الاحداث ولا المرحلة اللي بنمر بيها كلنا
حاسة ان كلامي بيجري وروحي في حالة غريبة يمكن بيخوفني بجد أن لسه راكبني أحساس الطفلة اللي بتخاف الحنين للحلم يغلبها
سلامك أكيد هيوصل وطلبي باللقاء القريب جدا اتمني يتحقق
"أحساس الطفلة اللي بتخاف الحنين للحلم يغلبها"
ReplyDeleteسيبك من أي حاجة .. كأني باقرا (فركة كعب) لأول مرة ف 2006 .. أنا سعيد
حتجيبي ولد مشاكس ، وبنت زي القمر .. وربنا يحفظهم لك يا بنت الطيبين
This comment has been removed by the author.
ReplyDelete