Thursday 20 November 2014

لثمُ الأفق (بلسان عباس بن فرناس) - من التجارب الشعرية عام 2014

لثمُ الأفُق
(بلسان عبّاس بن فِرناس)

لوجهِ الأفْقِ ما كان مِن حِلمٍ وطَيشِ     سُفورًا غرّني فاعتمرتُ الشَّوقَ أمشي
أيُغريني بلَثمٍ وما لي من شِفاهٍ؟!     فويلٌ لي كما ينبغي في ظِلِّ عَرشِ
لوجهِ الأفقِ أهديتُ طَيرَ الجَوِّ قَشّي     فراحَت تكتبُ اسمي به في كُلِّ عُشِّ:
عَبوسًا يَذبحُ الفرحةَ الرّعناءَ، يَفدي     بها خَلقًا غريرًا، فواهًا لي/ لكَبشي!
  ألا يا أيُّها الأفقُ ياماءً بعيدًا     سأُغفي فاقترِبْ، سِلْ رحيمًا قُرب رَمشي
وداخِلني كحُلْمٍ، فإنّ الصّحوَ يأتي     فلا يُبقي من الحُلمِ شيئًا غيرَ نقشِ
أنا مِيقاتةُ الماءِ، مسحورٌ بعُمري     أُراهُ عادَ قَبري بتنقيطٍ ونَبشِ
يُناديني لعلّي أُلَبّي، غيرَ أنّي     إذا نُوديتُ للموتِ يُزهَى فِيَّ عَيشي
فأبقى نافِرًا طافرًا حُرًّا قَصِيًّا     غريبًا بربريًّا أتى مِن سربِ وَحشِ
شققتُ الصخرَ يا أفقُ عن رُؤيا زُجاجٍ     لِئَلاّ تُحجَبَنْ عن عيونٍ ذاتِ رَعشِ
وإذ شَفَّ الزجاجُ الكريمُ اهتزَّ قلبي     وأعملتُ الأظافيرَ في خدشٍ وخَمشِ
فغامَ الأفقُ، ياطَيرُ دُلّيني وخُطّي     سبيلاً عَلَّ جَوَّ السّما يَرتدُّ فَرشي
لعلّي أفتدي مِن إسارِ الأرضِ خَطوي     بما أوتيتُ: ديباجَ أشعاري وخَيشي
قِفي يا طَيرُ، رِيشي جَناحَيَّ المَهيضَيـــــنِ من منثورِكِ الآنَ .. ها قد رِشتُ رَيْشي
أنا يا صقرُ صقرٌ دَعتني أبحرُ العِلـــــمِ، صِدتُ الدُّرَّ من حيثُ نُورُ الدُّرِّ يُعشِي
أنا يا أعصَمَ الجَوِّ في قولي غُرابٌ     إذا ما قُلتُ، رَدُّوا بـ(ما هذا) و(أيشِ)!
أنا يابنَ اليَمامِ ابنُ جَدّاتي اليمامـــــاتِ، أرعَى الغارَ مُذ ثارَ بُركانٌ قُرَيْشِيْ!
أنا يا .. ما دهاني؟ لقد حلَّقتُ حتى     ظننتُ الأفقَ في قابِ قوسٍ، يا لَطَيشي
جَناحا الخوفِ والحُلمِ جاشا بي، ورِيشٌ     خيالٌ واهِمٌ، منهُ قد جَيَّشتُ جَيشي
سقطتُ الآنَ، والرِّيشُ مغموسٌ بحِبرٍ     به سالَت جُرُوحي، نبيذِيٍّ كفُحشِي
وخَطَّ الأرضَ في نَقشِ تَذكارٍ لوَهمي     وسُقيا، فانتَشَت منهُ أو مِن فَرطِ دَهْشِي
لوجهِ الأفقِ ما كانَ من ريشٍ لَعوبٍ     بهِ حلَّقتُ في سَكرَتي، إذ طارَ نَعشِي
...
16 /5/ 2014
منشورة في عدد أكتوبر من مجلة (المجلة) الصادرة عن الهيئة العامة للكتاب

2 comments:

  1. الله يكرمك يا بو رقية .. تسلم يا صديقي

    ReplyDelete