Tuesday 3 February 2015

شطحُ جامعِ التّذاكِر





مُطرقًا كنتُ، ناظرًا في المَصائِرْ    
باغِيًا إن تَدُرْ عليَّ الدوائرْ

الوُرَيقاتُ يضطجِعنَ أمامي    
حاسِراتِ العَوراتِ،
والنّومُ داعِرْ

هُنّ لم يرتسِمْنَ إلاّ لِمامًا    
في منامي،
كأنني لم أُسافِرْ!

ثُمّ أورَينَ عُريَهُنَّ بيَومٍ    
سادِرٍ في اشتهائِهِ للشّواعِرْ

وقديمًا فتَحنَ لي خُطُواتٍ    
وَسَمَت بالرِّغامِ خُرطومَ عاثِرْ!

فاقتربتُ،
اشتممتُ كُلَّ هلاكٍ    
أورَدَتنيهِ كلُّ هذي التّذاكِرْ

وعَرَفنَ المَوسومَ أنفي،
وحَيَّيـــــــنَ بِرَقصٍ لِشاهقٍ ثَمَّ زافِرْ

حافلاتٌ قد كَثّرَتني، فَحَولي    
ألفُ وَحْشٍ لي ما لها من أظافِرْ
تنهشُ المِعطَفَ السّميكَ،
تُعَرّي    
رُوحِيَ الوَغدَ في شِجارٍ عابِرْ!

أيُّ عُمرٍ مُخفَىً لو انَّ بقائي    
طالَ في أيِّها، وأيُّ جَرائِرْ؟!

أفكانَت ستَنهَشُ الوحشُ رُوحي    
عن سَديمٍ مُحايِدِ القَولِ قادِرْ؟!

هاهُنا قد هرَبتُ من أصدقائي    
حِينَ ضاقُوا بشِعرِيَ المُتناثِرْ

حيثُ يَمّمتُ مُستَراحًا قَريبًا    
قُربَ حَبلِ الوريدِ وَهْوَ يُناوِرْ!

يا صَديقي المِرحاضُ دَعني قليلاً    
خابئًا فيكَ دَمعِيَ المُتقاطِرْ

راحِضًا مُقلَتَيَّ من كُلِّ مَرأىً    
ذَرَّ فِيَّ القَذَى وهَبَّ يُغادِرْ

عَلَّني الآنَ ناصِبٌ فيكَ مِنِّي    
جَسَدًا مِنبَرًا يَؤُمُّ المنابِرْ

خُطبَتي في وَداعِ مَن راهَقُوني    
تنفَثُ السُّمَّ،
لا النّواهي الأوامِرْ

أنفثُ السُّمَّ أصدقائِيَ،
حتّى    
لا تَرَوا في المِرحاضِ شَعرَةَ شاعِرْ!

هاهُنا زُرتُ دارَ كُلِّ غريبٍ    
حيثُ يَبغي خَيالَةَ الدّارِ زائِرْ

آبِقًا من سِياطِ واقِعِيَ الفَـــــــــــــجِّ
إلى رُكنٍ تَصطَفيهِ الخَواطِرْ

لَم يَكُنْ زائرٌ لِيَفتَقِدَ الآخَـــــــــــــــــــــــــرَ
والكُرسِيُّ المُدَفَّأُ شاغِرْ!

شاشةَ العالَمِ البَعيدِ،
انظُرِيني    
إنّني نِعمَ الوَغدُ، نِعمَ المُقامِرْ!

انظُريني، إنّي أُحَدِّقُ، هَيّا  .. 
اجذِبيني إلى البِحارِ الزّواخِرْ

ذَوِّبيني في قِصَّةٍ
لا ينالُ الدَّهرُ إلاّ تَكرارَها المُتواتِرْ

هاهُنا الطّائراتُ لَمّا أقَلَّتْني ثقيلاً بما مَعي مِن مَحابِرْ
ثُمَّ ساقَتني مُوثَقًا لِبلادٍ    
مَيِّتٍ حِجرُها على حِجرِ عاهِرْ!

لَيتَها أدرَكَتْ وقد طالَت الرِّحلَةُ
أنَّ السّحابَةَ الحُلمَ عاقِرْ!

رُبَّما كانَت بَدَّدَتني بُخارًا    
راقِصًا في استتارِهِ لا يُجاهِرْ

أَيُّهَذِي الأوراقُ
يا قِطَعَ الرُّوحِ الّذي حِيزَ للسُّيوفِ البَواتِرْ

أعجَبُ الأمرِ ما جَنى ورَقُ التُّوتِ على نَسلِهِ الغَريرِ المُكابِرْ

ساتِرُ العَورَةِ القديمُ أبُو ذُرِّيـــــــَّــــــــةٍ في عَوراتِها لا تُحاذِرْ!

هاهُنا قد شَغَلتُ منكِ إطارًا    
مِن جَثامِينَ لَم تَرُقْها المَقابِرْ

حَولَ إحدى لَوحاتِ فَنّانِ عَصرٍ    
لَم يَرِدْ بَعدُ ذِكرُهُ في الدّفاتِرْ

فاغِرٍ مَأساوِيَّةً من جُنونٍ    
بَينَ طَيّاتِها مَلاهٍ مَساخِرْ

أطبِقي يا أوراقُ عَنِّيَ أجفانَكِ،
إنَّ القصيدَ في اللَّوحِ فاغِرْ!
*         *          *
محمد سالم عُبادة
8/11/2014

No comments:

Post a Comment